20 - 06 - 2024

مؤشرات | بيان القاهرة ووضع أطراف الصراع السوداني أمام مسؤولياتهم

مؤشرات | بيان القاهرة ووضع أطراف الصراع السوداني أمام مسؤولياتهم

من حق دول الجوار أن يزداد قلقها من مجريات الأوضاع المتوترة يوما بعد يوم في السودان، وزيادة حدة الأزمة بين طرفي النزاع "الجيش وقوات الدعم السريع"، وإرتفاع حدة الهجرة وتدفق اللاجئين من السودان إلى مختلف دول الجوار. 

كما هناك قلق ينتاب جميع دول الجوار خشية أن تتحول السودان إلى بؤرة إرهاب ومأوى لجامعات التطرف ومرتكبي ومنظمي الجرائم المنظمة من مختلف دول العالم، بخلاف خشية أن تستغل دول مختلفة هذه الأوضاع والتوترات الجارية في السودان، لتتدخل فيها وتحقق مطامعها الرامية إلى مزيد من التقسيمات في هذا البلد العربي، وشرزمته، من أجل مصالحها. 

المؤكد أن دول الجوار السوداني هم الأكثر حرصا على السودان من أي دول أخرى، فمصالح هذه الدول كلها مشتركة، بينما هناك طامعون في خيرات السودان، وهناك من يخطط لمزيد من تمزيق دولنا، والسودان في مرمى أهداف هؤلاء، ومن هنا كان كلمات زعماء دول الجوار واضحة في مؤتمر قمة دول الجوار بالقاهرة، محذرة من أي تدخلات في الشأن السوداني، وضرورة أن يعي السودانيون أنفسهم مخاطر ما يجري من صراع يصب في صالح الطامعين في بلادهم. 

وعكس بيان قمة القاهرة الأولى لدول الجوار للسودان "مصر و أفريقيا الوسطي، وتشاد، وإريتريا، وإثيوبيا، وليبيا، وجنوب السودان"، كل الهواجس مما يجري على الأرض ، وسعيهم الحثيث لمعالجة الأزمة، بالإعراب عن قلق كل الدول إزاء استمرار العمليات العسكرية والتدهور الحاد للوضع الأمني والإنساني. 

وكان الأهم  دعوة الأطراف المتحاربة لوقف التصعيد والالتزام بالوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار لإنهاء الحرب، لتجنب إزهاق أرواح المدنيين الأبرياء وإتلاف الممتلكات، مع إعلاء مبدأ الحل السياسي لوقف الصراع بالحوار بين كل أطرافه، للدخول في عملية سياسية شاملة تحقق تطلعات الشعب السوداني في الأمن والرخاء والاستقرار. 

حرص بيان القاهرة بالتشديد على الإحترام الكامل لسيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شئونه الداخلية، باعتبار النزاع شأن داخلي، مع عدم تدخل أي أطراف خارجية تطيل من أمد هذه الحرب، بتوفيرها ومدها السلاح لحرق الأخضر واليابس. 

وبدا حرص دول الجوار السوداني بالتأكيد على أهمية الحفاظ عى هذه الدولة الشقيقة، ومنع تفككها أو تشرذمها من خال انتشار عوامل الفوضى، خصوصًا الإرهاب والجريمة المنظمة في محيطها، والتي تمتد إلى أمن واستقرار دول الجوار والمنطقة كلها، وبدا هناك تلميح واضح لدور إسرائيل الواضح والمكشوف، ودول غربية أخرى. 

ولاشك أن قضية النازحين تمثل قلقا كبيرا من دول الجوار السوداني، والتي تتزايد مع استمرار الأزمة، وما يترتب على ذلك من ضغوط على هذه الدول، ومن هنا لابد من أن يتحمل المجتمع الدولي والدول المانحة مسئولياتهم بتوفير الدعم والإغاثات للسودان وبذل قصارى الجهد لتوفير المساعدات الإغاثية العاجلة لمعالجة النقص الحاد في الأغذية والأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية. 

ولم تتنصل دول الجوار من مسؤولياتها، من خلال الإلتزام بتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية عبر أراضيها بالعبور الآمن لتصل للمناطق الأكثر احتياجاً، مع ضرورة إلتزام كل الأطراف السودانية لتوفير الحماية اللازمة لموظفي الإغاثة الدولية. 

أعتقد أن أهم ما جاء في بيان القاهرة حول السودان الشقيق، هو الدخول في الإجراءات العملية، من خلال تشكيل آليه وزارية على مستوى وزراء خارجية دول الجوار، تعقد اجتماعها الأول في العاصمة التشادية "ندجامينا"، لاتخاذ خطوات على الأرض، بوضع خطة عمل تنفيذية تتضمن وضع حلول عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة، في تكاملية مع الآليات القائمة، بما فيها الايجاد والاتحاد الأفريقي. ومن خلال خطوة أخرى عبر بحث الإجراءات التنفيذية المطلوبة لمعالجة تداعيات الأزمة السودانية على مستقبل استقرار السودان ووحدته وسلامة أراضيه، والحفاظ على مؤسساته الوطنية ومنعها من الانهيار، ووضع الضمانات التي تكفل الحد من الآثار السلبية للأزمة على دول الجوار، ودراسة آلية إيصال المساعدات الإنسانية والاغاثية إلى الشعب السوداني. 

لا شك أن نتائج مؤتمر قمة دول الجوار، مهمة، ووضعت أطرف الصراع السوداني أمام مسؤلياتهم، وحماية بلادهم من أي خطر يحفرونه بأظافرهم، من أجل مطامع ضيقة، ضحيتها هو شعب لا حول له ولا قوة، وتحت رحمة طامعين، في الحكم، وطامعين أخرين في ثروات هذا البلد. وفي نفس الوقت اعتبرت القمة نفسها في حالة إجتماع مستمر لمناقشة ما تتوصل اليه الآلية الوزارية في إجتماع القمة القادمة... وننتظر من أهل السودان من مشعلي الصراع .. خطوات على أرض الواقع.
-----------------------------------
بقلم: محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | (رغيف العيش) .. أمن اجتماعي وغذائي





اعلان